مسيرة حافلة بألوان الثقافة والتراث والإبداع، شهدتها منطقة الوثبة بأبوظبي منذ انطلاق فعاليات مهرجان الشيخ زايد الذي إختتم فاعلياته أمس، وعلى مدار 60 يوماً قدم أبناء الإمارات مع المشاركين من جنسيات العديد من الدول، نماذج من الموروث الشعبي والثقافات والعادات والتقاليد للدول، ضمن الكرنفال العالمي الذي رسخ مكانته واحداً من أهم الفعاليات المعنية بالثقافة والتراث، بفضل رعاية صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وبتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، ومتابعة سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة.
نجاح المهرجان
شهد المهرجان مشاركة أكثر من 17 ألف عارض من مختلف دول العالم، أكدوا نجاح رسالة المهرجان في تحقيق التواصل بين مختلف الثقافات، في أجواء من الضيافة الإماراتية الأصيلة، زينت المهرجان الذي أقيم تحت شعار «الإمارات ملتقى الحضارات»، واستقبل المهرجان نحو مليونين و500 ألف زائر من مختلف الجنسيات والثقافات، شكلوا زخماً حقيقياً عبر الأجنحة والأروقة التي استقبلت زائرين من كل الأعمار، للاستمتاع بمشاركات عشرات الأجنحة الخليجية والعربية والعالمية.
فعاليات عالمية
وشارك في المهرجان آلاف الفعاليات التراثية المحلية والعالمية والفعاليات الجماهيرية التي استهدفت كل أفراد العائلة وشرائح المجتمع، عبر أكثر من 100 ورشة عمل للأطفال، و500 عرض وفعالية جماهيرية كبرى، و3000 فعالية ثقافية عالمية، على مدى أيام المهرجان الذي وفر لجمهوره مجموعة من الخدمات الراقية التي جعلت من زيارته نزهة عائلية وسياحية امترجت فيها الثقافة بالترفيه، من خلال أجنحة ومعارض كبرى لحضارة الإمارات ومسيرة وتاريخ الاتحاد وجوانب متعددة من الثقافة الإماراتية، إضافة إلى مشاركات عالمية وأحياء شعبية عالمية تستعرض عادات وتقاليد وأفكار وثقافات مختلف من العالم.
عروض ضخمة
وأقيمت على مدى أيام المهرجان عروض ضخمة للألعاب النارية ونافورة الإمارات، مع تخصيص فعاليات وأنشطة ترفيهية للأطفال تشجعهم على تنمية مهاراتهم واستكشاف مواهبهم، فضلاً عن توافر مجموعة كبيرة من أفضل المطاعم المحلية والعالمية وعربات الطعام للأكلات السريعة، والخدمات المتعددة؛ كالحضانة وعربات الأطفال والعيادة وغيرها الكثير التي تراعي احتياجات الزوار.
حضور إماراتي
وكان من أبرز مكونات المهرجان هذا العام، منطقة حضارة الإمارات التي كان لها حضورها المتميز ضمن المهرجان، بما احتوته من أجنحة عديدة ذهبت بالزائرين من مختلف الجنسيات في رحلة بعيدة إلى أعماق الثقافة والتراث الإماراتي، ومنها جناح ذاكرة الوطن، التابع للأرشيف الوطني، والذي تضمن 7 منصات تاريخية، ومنها ركن مخصص لسرد قصص الأرشيف الوطني، منذ التأسيس في عام 1968 وحتى يومنا هذا، وذلك من خلال منصة الكونجرس، حيث توجد هناك شاشة عرض خاصة بالأرشيف الوطني، لعرض أعمال الأرشيف الوطني وخدماته والمشاريع المقدمة للزوار، وإعطاء لمحة تاريخية كاملة عن دور الأرشيف الوطني. كما قدم ذاكرة الوطن منصة خاصة بالطوابع والعملات المعدنية، وركن ثالث يعنى بالإمارات السبع، إلى جانب العنصر النسائي ودوره في بناء وتطوير المجتمع الإماراتي.
وهناك ركن على خطى زايد، ويعنى بإنجازات زايد الخير وسير القيادة الرشيدة على خطى القائد المؤسس، طيب الله ثراه. كما تم تخصيص ركن سابع يعنى بالتعليم، حيث تم تخصيص مكتبة يوجد بها مختلف الكتب التي يحتاجها الناس في التعليم والتراث والثقافة.
القرية التراثية
واستمتع الزائرون بالقرية التراثية الإماراتية التي عرضت أشكالاً مختلفةً للحياة قديماً في المجتمع الإماراتي ومعرضي السقارة والسلوقي، والحي التراثي الإماراتي الذي يعرض بدوره ألوان الأهازيج الشعبية الإماراتية والأسواق الشعبية التي تبرز المنتجات التقليدية التي صاغتها أيادي حرفيي الإمارات وخبرائها التراثيين في براعة فائقة، وكذلك جناح العادات والتقاليد الذي قدم نموذجاً للبيت الإماراتي التقليدي الذي يحاكي التراث العمراني لمباني القطارة في مدينة العين، فضلاً عن التعريف بالعادات والتقاليد الإماراتية التي لعبت دوراً بارزاً في حفظ الهوية الإماراتية وترسيخ أسسها في نفوس الأجيال المتعاقبة.
وقدم جناح دائرة الثقافة والسياحة أبوظبي في ساحته، أهازيج لفرق الحربية والعيالة والغناء على الربابة في حظيرة القهوة، وشهدت ساحة مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية الكثير من الاستعراضات الفنية لفرق شعبية إماراتية، فيما سلط جناح الواحة الزراعية الضوء على المنتجات الزراعية وأساليب الزراعة والثروة الحيوانية في الإمارات، ودور الشيخ زايد في تطوير تلك الأساليب وفق أحدث الطرق العصرية، بما أحدث طفرة هائلة في هذا القطاع الحيوي بالدولة.
الإمارات ملتقى الحضارات
وتحقيقاً لشعار المهرجان «الإمارات ملتقى الحضارات»، شاركت ثقافات مختلفة في المهرجان، وقدم أبناء هذه الثقافات نماذج من موروثاتهم المحلية وعاداتهم والحرف التقليدية التي اشتهرت بها تلك البلدان، حيث يتوزع الحرفيون في الأجنحة لينقلوا صورة حية لهذه المهارات، من خلال تقديم هذه المشغولات والحرف التي توارثوها عبر الأجيال، وحرصوا على تقديمها إلى جمهور المهرجان في قالب من الدهشة والإبهار، يليق بالمكانة الكبيرة التي حققها مهرجان الشيخ زايد.
وتزينت هذه المشاركة العالمية غير المسبوقة بعروض مسرح الأحياء العالمية التي قدمت عروضاً يومية متنوعة من الفولكلور العالمي والأهازيج الشعبية لمختلف الدول والحضارات، على مختلف مسارح المهرجان التي توزعت على الأحياء الشعبية العالمية، فضلاً عن مسيرة الحضارات العالمية التي أقيمت يومياً لمختلف الفرق الفولكلورية العالمية التي تجوب أرجاء المهرجان بأهازيجها التراثية الشعبية العالمية من مختلف حضارات العالم الذين جاءوا من أرجاء الأرض ليشاركوا أهل الإمارات مهرجان الشيخ زايد، بما له من قيمة كبرى في عالم المهرجانات والفعاليات الثقافية، عبر مسيرته الناجحة التي انطلقت منذ عدة أعوام، وتنطلق سنوياً إلى مزيد من آفاق النجاح والتفوق الذي يليق بمكانة الإمارات بين بلدان العالم في العصر الحديث.
استعراضات منوعة
وخصص المهرجان عشرات الاستعراضات الفلكلورية الإماراتية والخليجية والعربية والعالمية يوم 2 ديسمبر 2019 للاحتفاء باليوم الوطني الثامن والأربعين لقيام دولة الإمارات، وسط حضور جماهيري غفير لعشرات الآلاف من الزوار الذين توافدوا على المهرجان للاحتفال بهذا اليوم الغالي والعزيز على قلوب أبناء الإمارات والمقيمين على أرضها. وأضاءت الألعاب النارية الضخمة في ذلك اليوم سماء الوثبة لفترة زمنية أطول من المعتاد، بألوانها وأشكالها المختلفة التي أطلقت على وقع الأغاني الإماراتية الوطنية، من أجل إمتاع الزوار بمشهد أصبح سمة من سمات المهرجان كل عام.
وشهد المهرجان يوم 3 ديسمبر 2019 مسيرة الاتحاد التي تعتبر من الفعاليات الرئيسة للمهرجان، وقدم خلالها أبناء القبائل الإماراتية أروع الصور الوطنية المعبرة عن الاعتزاز بإرث الإمارات التاريخي والقيم الوطنية الأصيلة، وأظهروا للعالم أجمع فخرهم بالقيادة الرشيدة وحكمتها في مواصلة مسيرة البناء والتقدم التي بدأها الآباء المؤسسون. وقدمت أجنحة الشركاء الاستراتيجيين والرعاة الرئيسيين الكثير من الفعاليات والسحوبات والجوائز والهدايا للزوار والأطفال، وحفلت بالكثير من الأهازيج الفلكلورية الإماراتية التي قدمتها فرق إماراتية، واستقطب بعضها فرقاً عالمية حرصت على المشاركة في هذه الاحتفالات الكبرى.
الألعاب نارية
واستقبل المهرجان العام 2020 بأضخم ألعاب نارية استمرت 30 دقيقة متواصلة، ليكسر الرقم العالمي المسجل في موسوعة جينيس للأرقام القياسية، ويحصل على شهادة رسمية من ممثلي موسوعة «جينيس» تفيد بتحطيم الرقم القياسي العالمي لكتابة أكبر كلمة بالألعاب النارية.
كما استمتع الزوار بالحفل الغنائي الكبير الذي أحياه «صوت الإمارات» الفنان عيضة المنهالي، والفنانان صالح سعيد وعمر سهيل، وبعشرات الاستعراضات والفقرات الفنية في أجنحة وساحات وممرات المهرجان كافة.
الوثبة كاستم شو
"الوثبة كاستم شو" كانت من أكثر المناطق استقطاباً للجمهور، لما احتوته من إثارة وتشويق للتعرف إلى أفضل الطرق لإعادة بناء وتجديد السيارات الكلاسيكية وتزويد محركات سيارات الدفع الرباعي، حيث انقسمت الأعمال داخل «الوثبة كاستم شو» إلى أربع مناطق: الأولى منطقة التعديل على السيارات، والثانية التجديد وترميم السيارات، والثالثة تزويد المحركات، والرابعة مسابقة استعراض السيارات الأسبوعية، وتم التنافس على ثلاثة مراكز في كل فئة، والتي بلغ مجموع جوائزها 2.770.000 درهم.
إكسبو 2020
منح جناح إكسبو 2020 دبي التفاعلي زوار المهرجان الفرصة للاستمتاع بجولة افتراضية ممتعة بين الأجنحة المذهلة التي ستكون عامرة بمحتوى مدهش وملهم في أنحاء موقع إكسبو وما ستضم من معروضات ممتعة وعروض تفاعلية حيّة وفعاليات شعبية وتراثية شيّقة، بالإضافة إلى فعاليات للمختصين ورجال الأعمال.
وتعرف الزوار في المنصة المبتكرة، عبر الأجهزة اللوحية والرقمية الحديثة، في تجربة ممتعة غنيّة بالمعلومات، على إكسبو 2020 دبي وأهدافه، وتمكنوا من التجول بشكل افتراضي بين موقع إكسبو الممتد على مساحة تصل إلى 4.38 كيلومتر مربع في منطقة دبي الجنوب، واستكشاف أول إكسبو دولي على الإطلاق يقام في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب آسيا.
عالم الأطفال «كيدز نيشن»
لاقت فعاليات الأطفال اهتماماً خاصاً من قبل اللجنة العليا المنظمة للمهرجان، والتي حرصت على أن تخصص لهم منطقة عالم الأطفال «كيدز نيشن» لتضم طيفاً كبيراً من الورش التعليمية في قالب ترفيهي، اختزلت في نشاطاتها جوانب تعليمية وتثقيفية متعددة، عبر الكثير من الأنشطة وورش العمل التي شجعت الأطفال على تنمية مهاراتهم واستكشاف مواهبهم الإبداعية وتنمية ورح العمل الجماعي لديهم.
حدث ثقافي عالمي
تقدم معالي الشيخ سلطان بن حمدان آل نهيان، مستشار صاحب السمو رئيس الدولة، رئيس اتحاد سباقات الهجن، رئيس اللجنة العليا المنظمة لـ«مهرجان الشيخ زايد»، بالشكر إلى صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة،
حفظه الله، على رعايته الكريمة للمهرجان، وإلى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، على دعمه المستمر للمهرجان، وإلى سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، على متابعته الحثيثة للمهرجان.
وأثنى معاليه على دور اللجنة العليا المنظمة للمهرجان، وما بذلته من جهود جبارة من أجل تطوير المهرجان واستقطاب كل جديد يخدم رسالته وأهدافه ودوره في تثقيف الجمهور وتسليط الضوء على حضارات وثقافات العالم المتنوعة. وأكد أن مهرجان الشيخ زايد سيظل حريصاً على التطور، ليبقى حدثاً ثقافياً عالمياً كبيراً يجمع بين جنباته مختلف الحضارات، ويجسد ثقافات الشعوب من خلال عشرات الدول العالمية المشاركة التي تحرص اللجنة العليا على زيادتها كل عام، للتعرف إلى ثقافات الآخر والتفاعل معها عن قرب.