يعد "العزل المنزلي" من الإجراءات المتخذة للحد من انتشار فيروس "كورونا" المستجد، الذي سبب حالة من التوتر والقلق، إضافة إلى تأثيرها في العلاقات الأسرية، والابتعاد عن العالم الخارجي والتعاطي مع الأشخاص بحالة من الخوف وضمن حدود مسافة الأمان.
العلاقات الاجتماعية
وقد وجه أخصائيون بضرورة إيجاد مهارات جديدة والتواصل مع الذات، مقدمين مجموعة من النصائح التي يمكنها أن تحوّل سلبيات العزل إلى فوائد، للاستفادة منها في تصفية و«فلترة» العلاقات الاجتماعية والتركيز على الأسرة والذات وتحسين الطاقة الذاتية والداخلية للفرد للتمكن من العودة الى الحياة الطبيعية وبشكل طبيعي في فترة ما بعد انتهاء العزل الصحي.
فرصة مناسبة
وأكد الأخصائي في علم الاجتماع في جامعة الشارقة، الدكتور أحمد العموش حسب ما ذكر في "الإمارات اليوم"أن معظم الناس في هذا القرن منشغلون بالحياة الاقتصادية على حساب الأسرة، وهذا العزل أتى كفرصة للعودة إلى الأسرة التي هي الحاضنة الأولى للمجتمع، وأضاف: «العزل مناسبة لإعادة ترميم العلاقات الأسرية، سواء العلاقة مع الأبناء أو حتى إيجاد الوقت الكافي للرعاية والإشراف الأبوي ومتابعة الأولاد خصوصاً في مجال التعليم عن بُعد، وهي أول فرصة تتاح للآباء للتقرب من أولادهم في هذه النشاطات»، منوها بأن هذه العزلة تحمل الكثير من الإيجابيات في حال التزم الأفراد بها.
الخوف من الآخر
أما عن ما يخص العلاقات الخارجية ومحاولة ترميم الخوف من الآخر، لفت العموش، الى أن هذه العلاقات لم تنقطع على نحو كامل مع هذه العزلة، بسبب الاعتماد على وسائل التواصل الاجتماعي التي تركت العلاقات في حالة من التواصل الافتراضي، فكل العلاقات التي هي خارج نطاق الأسرة لن تتأثر كثيراً، ولكن العلاقات الأسرية هي التي ستتأثر ويفترض أن يكون تأثيرها ايجابياً، مثلا تكون فرصة لإعادة صورة الأب الى شكلها الصحيح، فصورة الأب غالباً ما ترتبط بالإنفاق المادي، وهذه فرصة لاكتشاف الذات الأسرية، والموازنة بين الجانبين العاطفي والمادي، لاسيما أن الجانب العاطفي أهم من الجانب المادي. ولفت العموش الى أن المرء يعتبر نجاحه الأساسي في العمل، وليس في المنزل، علماً ان هذا غير صحيح، ولهذا نصح بضرورة تقسيم ثماني ساعات يومية في المنزل على نشاطات متعددة، على أن يتم وضع برنامج متنوع ويقوم على مهارات التواصل الاجتماعي والأسري بغية تعويض ما ينقص الأسرة من علاقات وتواصل.
فترة إستراحة
ومن جانبها قالت الأخصائية في الإرشاد النفسي والأسري لمى الصفدي، أن العلاقات البشرية تحتاج الى فترة استراحة أيضاً، وهي فرصة لتقوية العلاقات العائلية، ففي السابق كان هناك العديد من الأزواج الذين لا يلتقون مع أطفالهم وزوجاتهم، والإيجابي في العزل أن العلاقات العائلية باتت أهم. ولفتت الى أن الشعور بالخوف على العائلة يقوي العلاقة بين أفرادها، بسبب الخطر المشترك، إضافة الى أن «كورونا» أثبت أنه يمكننا العيش من دون أي شخص، وهذا بحد ذاته يعتبر تصفية للعلاقات البشرية. واعتبرت الصفدي أن الجلوس لوقت طويل يجعل المرء يعيد النظر بعلاقاته، ونرى أن هناك أشخاصاً لم نتواصل معهم منذ وقت وبدأنا نتواصل معهم، وأشخاصاً آخرين كانت العزلة حجة لتنقطع العلاقات معهم. أما الخوف من التواصل المباشر مع الآخر، فنوهت الصفدي بأن مسافة الأمان لن تتلاشى بسرعة لأن الإنسان يُبقي على وسواس الخوف من الآخر، وقد تأخذ هذه العلاقات فترة من الزمن كي تعود، ولكن لنأخذ ووهان التي تفشى فيها الفيروس، مثالاً على ذلك، فقد استعاد سكانها العلاقات وبدأ الناس بمزاولة الحياة الطبيعية، فالإنسان كائن اجتماعي وما يمر به الآن هو فترة هدنة مع العلاقات.
الإستفادة من العزل
و دعت المعالجة بالطاقة وعد الطالب، إلى الاستفادة من العزل بطرق إيجابية، قائلة: «يعتبر العزل فرصة للتواصل مع الذات، لأن الناس بشكل عام يخزنون من العالم الخارجي الكثير من الطاقات السلبية، لهذا فإن العزل اليوم يؤثر بشكل مباشر في (شاكرة الجذر)، والتي تعد مسؤولة عن التواصل مع العائلة وأصولنا، وتجعل الناس أكثر رحمة وتواصلاً مع أنفسهم وعائلاتهم.
طرق تواصل
كما نصحت خبيرة الطاقة وعد الصادق للتخلص من سلبية العلاقات التي يحكمها الخوف من الآخر في المرحلة الراهنة، بطريقة تواصل تسمى «ناماستي»، وهي التي يقوم بها الآسيويون، وتقوم على ضم الأيدي على الصدر بالقرب من القلب وهي طريق سلام مريحة نفسياً وتمنح القلب طاقة إيجابية، ويمكن المحافظة عليها، كما أنه يمكن أن يمارس المرء التأمل وإرسال طاقات حب للأرض المتألمة.
تأثيرات سلبية
قالت الأخصائية في الإرشاد النفسي والأسري لمى الصفدي: «هناك تأثيرات سلبية وهناك دراسات في مدن صينية سُجلت فيها أكبر نسبة طلاق بعد العزل، لأن العزل يخلق نزاعات لأسباب سطحية، بسبب التوتر والطاقة السلبية، فكل شخص مستعد لافتعال مشكلة، كما يمكن أن نشهد حالات حزن واكتئاب وتذمر، ولكن المصلحة العامة أهم ويجب أن تغلب هذه المشاعر». وأشارت الى أن الذين يعيشون وحدهم في المنازل سيكونون أكثر عرضة لهذه التأثيرات السلبية، موضحة أننا في هذا العالم لم نعد وحيدين، بل نعيش في عالم يوازي العالم الحقيقي، فمفهوم الوحدة بات له مقومات مختلفة.
تمارين التنفس
أكدت المعالجة بالطاقة وعد الطالب، أن تمارين التنفس تُعد من التمارين المهمة في هذه المرحلة، فالتنفس يمنح الدماغ الأوكسجين، ويبعد الأفكار السلبية، ويجعل الدماغ أكثر قدرة على التفكير إيجابياً، وبالتالي يتم التحرر من أفكار العقل الباطن بالشعور السلبي حول فكرة العزل الإجباري. ولفتت إلى أهمية القيام بممارسة الرياضة، وإن كانت خفيفة، مع الابتعاد عن السكريات لأنها تخفف الطاقة وتقلل المناعة، ولهذا فإن الاعتماد على نظام صحي يزيد من الطاقة الإيجابية.