افتتح صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، صباح اليوم الأربعاء، ترافقه الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي رئيس هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق) مبنى "بيت الحكمة"، المشروع الثقافي المبتكر الذي يجسد أحدث نموذج لمكتبات المستقبل في العالم، ويوثق تاريخ نيل إمارة الشارقة لقب العاصمة العالمية للكتاب من قبل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) 2019، إذ يعتبر إرثاً حياً لحصول الشارقة على اللقب الأرفع ثقافياً.
وشهد الافتتاح سعادة محمد عبيد الزعابي رئيس دائرة التشريفات والضيافة، وسعادة مروان جاسم السركال الرئيس التنفيذي لهيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق)، ومروة عبيد العقروبي مدير مشروع بيت الحكمة، وعدد من فريق عمل المشروع وفريق عمل شروق.
وتجول صاحب السمو حاكم الشارقة في أرجاء المبنى مستهلاً زيارته بالتوقّف عند المكتبة الضخمة التي يحتضنها "بيت الحكمة"، والتي ستضم 305 آلاف كتاب في مختلف الحقول الثقافية والأدبية والمعرفية منها 11 ألف بلغات مختلفة، ومنها 105 آلاف كتاب ورقي، وما يقرب من 200 ألف كتاب إلكتروني.
واطلع سموه من القائمين على المشروع كيف أن "بيت الحكمة" جسّد رؤية سموه في تقديم نموذج للمكتبات يدمجُ بأسلوبٍ مُبتكر بين مفهومي المكتبة والملتقى الاجتماعي والثقافي، ويحوّلها إلى منصة اجتماعيّة للتعلم والمعرفة، تعززها أدوات الابتكار والتقنيات المتطورة، وتوّقف سموه عند المكتبة المنفصلة الخاصة بالأطفال التي تحتوي ما يزيد على 2000 كتاب، ومكتبة قسم اليافعين التي تحتضن نحو 3000 كتاب.
وتفقّد صاحب السمو حاكم الشارقة المرافق والمختبرات التي خصصها "بيت الحكمة" للزوار، حيث تعرف سموه على محطة الخدمة الذاتية "اسبريسو الكتب"، التي تمتاز بقدرتها وسرعتها العالية على طباعة الكتب بفترة قياسية، والتي وفرها بيت الحكمة ليمكّن الزوار من طباعة أي كتاب وتغليفه بتقنيات عالية.
كما زار سموه "مخبر الجزري" الذي جاء اسمه تقديراً للإسهامات العلمية والمعرفية التي قدمها العالم بديع الزمان الجزري (1136-1206)م، الذي يعد أحد أهم المخترعين في التاريخ، وتعرّف سموه على ما يحتويه المخبر من تقنيات متطورة في الطباعة، وما يشتمل عليه من آلات مثل الطابعات ثلاثية الأبعاد، وقاطع الليزر، إلى جانب آلة التحكم الرقمي الصغيرة (CNC)، التي يتم التحكم بها من خلال جهاز الحاسوب وتمكّن مستخدميها من انتاج مشغولات معقدة الشكل بسهولة، وغيرها من الخيارات التي تجعل منه واحداً من المعامل المبتكرة والمتطورة، لتكون بوابة الأجيال الجديدة للتعرف على تقنيات المستقبل.
وتوقف سموه عند المرافق التي خصصها "بيت الحكمة" للسيدات والأطفال، حيث زار "ديوان السيدات" (قاعة مخصصة للسيدات)، وساحة "القارئ الصغير"، التي تم تصميمها خصيصاً للصغار من عمر 3 وحتى 10 سنوات لتقدم لهم برامج متنوعة باللغتين العربية والانجليزية، وتعرض عليهم مواضيع مختلفة في الابتكار والتكنولوجيا والاستدامة، وفي الوقت ذاته ستقدم للقارئ الصغير مساحة رحبة للتعلّم والقراءة إلى جانب الاستفادة من ورش العمل التي تعقد لتبادل الأفكار وإطلاق العنان لمخيلة الصغار وتحفيزهم نحو التفكير الإبداعي.
واطلع سموه خلال الجولة على معرض الفنان وفاء بلال، الذي يحمل عنوان "168:01" ويقدّم لأول مرة في إمارة الشارقة، ويأتي بمثابة تذكير بالخسارة الثقافية التي حلت بمكتبة كلية الفنون في جامعة بغداد، إذ تعرضت للحرق في العام 2003، وتحوّل أكثر من 70 ألف كتاب إلى رماد.
واستمع سموه لشروحات عن طبيعة معرض "168:01"، الذي يقدم مكتبة ممتلئة بالكتب الفارغة والبيضاء، حيث يدعو المعرض زوّاره لاستبدال الكتب البيضاء بكتب ورقيّة مطبوعة، للعمل على تجديد المكتبات المفقودة في الجامعات والمعاهد العراقية، إذ سيتم اهداء الكتب المتبرّع بها إلى المكتبات الموجودة في كل من جامعة بغداد، والموصل، وبابل، والمتحف الوطني العراقي.
واطلع سموه كذلك على الأعمال التصويرية للفنان وفاء بلال التي جاءت تحت عنوان "سلسلة الرماد" التي يسلط فيها الضوء على مواد أعيد بناؤها من الحطام الذي تسببت به الحرب في العراق، حيث تم جمع "سلسلة الرماد" على مدار عشرة سنوات، وتبين بدقة وتفصيل إعادة البناء من مواد مصغرة عبر الصور الفوتوغرافية.
وفي ختام الجولة تفقد صاحب السمو حاكم الشارقة قاعة الرشيد، المخصصة لاستضافة الفعاليات، والندوات والمؤتمرات كما زار سموه أروقة الفناء الخارجي لـ"بيت الحكمة" الذي يضمّ حدائق منسقة تشمل على 331 شجرة تنتمي إلى 12 نوعًا مختلفًا، تطل على نصب "المخطوطة" التذكاري احتفاءً باختيار الشارقة عاصمة عالمية للكتاب لعام 2019 من قبل اليونسكو، وتفضل سموه بالتقاط صورة تذكارية مع فريق عمل بيت الحكمة أمام المبنى في الساحة الخارجية.